كرونيك

افتحوا النوافذ….!

سارع المغرب إلى إقرار حجر صحي في كافة المدن والقرى فور بداية انتشار فيروس كورونا.

وتكفل كذلك بمساعدة المحتاجين.

ومن أبهى صور اهتمام الدولة براحة المواطنين، تطوع رجال السلطات الترابية والأمنية بغناء النشيد الوطني تحت شرفات المواطنين، مثل عاشق ولهان يبحث عن إعجاب معشوقته.

لا شك أن الوطن يحب أبناءه.

حتى اللقاح سيكون مجانيا وللجميع.

هكذا وجب على من ينوي الاحتفال أو الاحتجاج أو هما معا، أن ينتظر حصته من اللقاح أولا.

ويبدو أن اللقاح الجديد به مآرب عدة.

ستقوم الجرعة المنتظرة بتحصين المغاربة ضد الوباء.

هكذا سينتهي كابوس كورونا.

وربما تطمح الدولة أن ترفع به منسوب حب المغاربة لها، وانخراطهم التام في مبادراتها.

دون نقاش.

دون اختلاف.

لا شك إذن ان ما حصل في شارع محمد الخامس، أمام مبنى مقهى باليما المغلق، كان تمرينا للمغرب الجديد.

جيش من الشرطة والقياد والخلفان والشيوخ والمقدمين والمخازنية يحيطون بشيخين تجاوزا الستين، تجمعهما كوفية فلسطينية فوق كتفيهما.

الرجل الأول ولد سنة 1948، في أسفي. اسمه سيون اسيدون.هو مغربي، ديانته هي اليهودية، وعرف عنه اعتناقه للفكر الماركسي ودفاعه الشرس عن حقوق الفلسطينيين.

الرجل الثاني هو عبد الرحمن بن عمرو.

ولد بالرباط سنة1933. من مؤسسي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سنة 1979، وهو يساري التوجه ومن المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني.

حاول إذن جيش الدولة الكبير، بكل ما يملك من وسائل، أن يمنع أسيدون وبنعمرو من “التخالطات”، بتعبير الوزير إياه.

لن يستغرب إلا جاهل، فالرجلان قد بلغا من العمر عتيا، وقد تصيبهما العدوى في مقتل.

يا لحنان ورأفة الدولة بأبناءها.

أما عن حق التظاهر السلمي وحرية التعبير، فهما أكبر بكثير من عمر الرجلين معا، ومن مجموع المخبرين ورجال الأمن الذين انتشروا في كل شبر، ومن طول وعرض شارع محمد الخامس، هما جوهر القضية.

حرية التعبير حق تابث ولا يقبل المساس مهما كانت الذرائع.

فلنهب أننا صدقنا الدولة حين تصرح أن ما حدث لم يكن سوى تطبيقا لقانون الطوارئ الصحية، ولا نية فيه اطلاقا في منع المغاربة من التضامن مع شعب فلسطين.

فلنهب أيضا أن البقر تشابه على بعضنا، فظن أن العلاقة مع إسرائيل تعني إنكار حقوق الشعب الفلسطيني.

وجب علينا أن نذكر، لعل الذكرى تنفع.

منذ أيام، أكد الملك محمد السادس، لرئيس السلطة الفلسطينية، بأن موقفه “الداعم للقضية الفلسطينية ثابت لا يتغير. وقد ورثه عن والده المغفور له الملك الحسن الثاني.

الكلام واضح وصريح.

اختلاف الرأي لا ينتقص من هيبة الدولة، ولا يضعف موقف المغرب في قضاياه الجوهرية.

عبد الرحمن بنعمرو وسيون اسيدون ومن معهما يحبون الوطن كما يحبهم، ولا يقبلون أن يمسه سوء أو يسيء إليه حاقد.

وكما اللقاح الموعود، فما يفعلونه منذ سنوات، كان دائما دون ثمن ودون مقابل.

افتحوا النوافذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock