اعتماد الزاهيدي في “يوم بلا نهاية”
في فيلم “يوم بلا نهاية” للمخرج هارولد راميس (1993)، لم يصدق فيل اوكونورز أنه يعيش نفس اليوم مرارا وتكرارا.
يرن جرس منبه مزعج، فيقفز من سريره نحو حمام غرفة الفندق، ثم يلتحق بالبهو الكبير حيث يتناول فطوره من نفس البوفيه، بينما صاحبة النزل تثرثر بجانبه دون أن ينصت حقا إليها.
يغادر، على عجل، ليلتحق بمهرجان محلي سخيف.
يبدي انشغالا زائفا بما يحصل قبل أن يلتقي الجميلة ريتا.
يقضيان بعض الوقت معا، فيحل الظلام لينهي يوم صاحبنا مؤقتا، قبل أن يجد نفسه مرة أخرى يمر بنفس الأماكن والأشخاص.
حاول أن يرمي بنفسه من نافذة النزل ليغير مجرى الأحداث: في الصباح، وجد نفسه في سريره بعد أن أيقظه، للمرة المئة، نفس المنبه.
فكرة السيناريو تخفي رسالة واضحة: تتكرر نفس الأفعال ما دام الممثل يحمل نفس الأحلام ونفس التوقعات.
++++
خلال ستينيات القرن العشرين، استنتج جون واتربوري أن التغيير لن يحصل في المغرب، بل ستتكرر دائما نفس الأحداث، مع استمرار متواصل لنفس الأوضاع.
في كل مرة يستبشر المغاربة بحزب أو نقابة، تنفجر مثل بالون يحمله طفل صغير، لا شيء بعدها سوى الحسرة والأسف على فرصة ضائعة أخرى، للمرة الألف.
لم يكن أحد ينتظر تصريحات “حسناء العدالة والتنمية” اعتماد الزاهيدي ليفهم أن الحزب فاشل وانتهازي، وربما آيل للسقوط.
فذاك الغصن من تلك الشجرة.
من أخطأ في السياسة، بعد أن استفاد وأكل وشرب، عليه أن يمضي إلى حال سبيله، لا أن يشتري صك غفران رخيص بمهاجمة شركائه القدامى.
قبلها، خرج الكثيرون من تنظيماتهم لأسباب تشبه أسبابها، وانتهى الأمر واستمرت السياسة عوجاء ومبنية على الريع والامتيازات والبحث عن المناصب.
اعتمد الباحث جون واتربوري على النظرية الانقسامية في تحليل النخبة السياسية المغربية: ثبات وسكون البنيات الاجتماعية والسياسية، رغما عن حركة وتغييرات الوحدات الصغرى.
خارج مدارج الجامعات، يردد رجل الشارع بمنطق المجرب، أن الحل هو أن يتخلص الوطن من كل السياسيين دفعة واحدة، فهم لا يصلحون لشيء أبدا.
+++++
تخلص فيل كونورز من جحيم إعادة نفس اليوم حين تحول إلى انسان صالح يستحق حب فتاته، ريتا الجميلة.
بعيدا عن السينما وعن علم الاجتماع وعن السياسة، يقول المثل المغربي البليغ :
“خرج من الخيمة مائل.”
نلتقي غدا،… في نفس الموعد.