استعدوا لفراق من تحبون…!
إننا نواجه المجهول.
نسير قدما صوب المأساة.
كتب أرسطو، “أن التغير في الحال نحو التعاسة والمأساة لا يعود إلى أي خلل أو عيب أخلاقي، ولكن إلى خطأ من نوع ما.
أكثر من 400 سنة قبل اليوم، أبدع وليام شكسبير واحدة من أشهر تراجيديات المسرح العالمي.
تقع أحداث مأساة “هامليت” في مملكة الدنمارك، وتدور حول انتقام الأمير “هاملت” من عمه “كلوديوس”.
كان “كلوديوس” قد قتل أخاه واستولى على عرشه وزوجته معا.
هي أطول مسرحية ألفها شكسبير. تحمل شحنة متفردة من الإبداع في وصف أحداث مأساوية.
لا زالت خطبة البطل، في مواجهة اختيار صعب، تحظى بالنجومية في كل مرة تعرض المسرحية.
المناجاة الشهيرة جاءت على لسان “هاملت”، عندما كان حائرا معذبا بين اختيارين، يتساءل إذا كان أفضل له أن يعيش مثقلاً بوعد قطعه بالانتقام لوالده من الظالم “كلوديوس”، أو الانتحار وإنهاء حياته بقتل نفسه.
“أكون أو لا أكون. هذا هو السؤال.
هل من الأنبل للنفس أن تصبر فتعاني من دهر أحمق يتلاعب بها،
وقدر يسحقها، وزمن يحرقها
أم ينبغي عليها أن تقف كمقاتل شرس
فتطارده وتقاتل حتى تتحرر.
أن تموت.. أن تنام.
ثم لا شيء.”
رسم شكسبير على لسان هاملت حقيقة كبرى:
نهاية الأشياء، كل الأشياء، هي الموت.
أما البداية، فهي اختيار.
تتجسد المأساة عندما تتداخل اختياراتنا الفردية لتصنع الخطأ الجماعي.
في النتيجة، يصنع كل واحد منا مصير الأمة.
تتخبط الحكومة في قرارات عشوائية و تغيب اختيارات كانت بديهية وصائبة، تقترن الأنانية بالرغبة في المتعة مهما كان الثمن.
ها نحن اليوم جميعا نردد سؤالا صعبا مثلما فعل “هامليت” الحائر :
هل نستمر فيغرق الوطن أم نتراجع فننجو جميعا؟
تموت “جيرتريد” ويقتل “كلوديوس” بسيف “هاملت”، ثم يموت “هاملت” مسموما.
إنها نهاية تراجيدية.
لا زال أمامنا خيار إنقاذ البلد والعباد من الانهيار ومن موت وشيك يتربص بنا وراء من اختار الاستخفاف بواقع الجائحة ونكران خطورة الوضع.
بعد رحيل شكسبير بقرون، أطلق ابن بلده، السياسي بوريس جونسون، جملة رهيبة تستحق أن تأخذ مكانها في نص تراجيدي حديث:
“استعدوا لفراق من تحبون.”