أَثْمن هدية يقدمها الوطن لأبنائه: الحرية، بلا منازع…!
لم تتردد روزا لويس بارك، لحظة واحدة، في الدفاع عن حقها، عن إنسانيتها، وعن كرامتها.
سلمت يديها السمراوان، الموشومتان بعطر إفريقيا البعيدة، ليضع رجل الشرطة الأبيض حديدا باردا ومكبلا حول معصميها.
قد تبدو التهمة مضحكة اليوم، ولكنها اختزلت معاناة الناس من أجل المساواة.
بدون مساواة، لا حرية ممكنة و بدون الحرية تتوقف الحياة.
أصر سائق الحافلة والشرطة على تطبيق قانون جائر:
على السيدة السوداء أن تترك مكانها داخل الحافلة وأن تتنحى جانبا ليتمكن أي رجل أبيض من الجلوس أولا.
هكذا كانت الأمور في مدينة مونت-غومري في ولاية آلاباما، وفي كل مكان أخر في أمريكا خلال خمسينيات القرن الماضي.
“ما الإنسان دون حرية يا ماريانا؟
قولي لي..
كيف أستطيع أن أحبك إذا لم أكن حراً؟
كيف أهبكِ قلبي إذا لم يكن ملكي؟”
هكذا أنشد فيديريكو غارسيا لوركا، أيضا.
من أجل الحرية، واجه لوركا رصاص الدكتاتور الإسباني فرانكو بحروف ظلت خالدة بعد أن أعدمه أعداء الحرية.
انتصرت حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، واختفت كل التشريعات العنصرية، ورغم استمرار حوادث العنف ضد السود، تمكن المجتمع من منح أصحاب البشرة السوداء وجميع الملونين، الحرية المستحقة وفرص الترقي بالعمل السياسي وغيره.
أما إسبانيا، فقد طوت صفحة فرانكو إلى الأبد، وتحولت إلى دولة حديثة وديموقراطية، ثم تخلصت أيضا من بذرة الانفصال ومن أصحاب الانفصال بفضل ضمانة الحرية والعدالة الاجتماعية والمجالية.
====
مات محسن فكري وهو يدافع عن سلعته من الأسماك، فتفجرت سلسلة من الاحتجاجات في الحسيمة وفي الريف.
انتهت المظاهرات الضخمة المطالبة بالعدالة وبالشغل وبالمستشفيات بأحداث مؤلمة، وبسنوات طويلة من السجن للمشاركين في الحراك.
في العاشر من دجنبر سوف يحتفل المغرب باليوم العالمي لحقوق الإنسان.
ربما آن الأوان لطي هذا الملف نهائيا، ومنح الحرية لمن يستحقها.
أثمن هدية يقدمها الوطن لأبنائه هي الحرية، بلا منازع.