كرونيك

أين المثقف من القضايا الراهنة…!؟

جمعت بين بول سارتر وألبير كامو صداقة حقيقية وتوجهات مشتركة. فرق بينهما موقف أخلاقي وفلسفي حول الديكتاتور ستالين، الملقب “أبو الشعوب”.

ألبير كامو وصف القمع الممنهج لمسلمي الاتحاد السوفييتي باسمه: ممارسة فاشية.

رغم خلافهما سيتبادل الرجلان رسائل مليئة بمرافعات أنيقة وعالمة.

بينما رفض سارتر موقف كامو حفاظا على مواقفه اليسارية ورفقا باليسار الفرنسي، انتصر كامو لحق حرية التعبير ولو اقتضى الأمر أن يحسب هو، خطأ، كمناصر لليمين.

كامو المثقف والصحفي القادم من عائلة فقيرة تنتمي لما سمي تاريخيا بالأقدام السوداء، يمثل نموذجا للمثقف الملتزم بقضايا عصره وبالمبادئ الإنسانية الكونية.

ينتظر العالم من المثقف أن يعلن بصراحة وبشجاعة أين يقف من القضايا الراهنة. أما كتابة الإنشاء فليتركها كهواية ما بعد الظهر، ليمارسها مع طلبته أو رفقتهم، مثل الشطرنج أو احتساء الشاي، لا لينشر البديهيات وحشو الكلام على صفحات الجرائد.

من أغرب السجالات الحالية، اتهام بالسرقة الأدبية بين اثنين من أساتذة الجامعة بالمغرب. يتهم أحدهما الثاني بنحل بحث الدكتوراه ويستعرض حججا تدين زميله، ليرد عليه السارق المفترض بتواريخ وأحداث ومرافعة صغيرة.

لا يهمنا من على صواب. فهذا شأن الهيئات العلمية المنتمية لذات الجامعات، والتي لازالت صامتة صمت القبور.

يهمنا انشغال النخبة بسقط المتاع.

يقف المغرب على حافة أحداث خطيرة. تظهر ممارسات جديدة، على شاكلة أحداث الحي الحسني وجرائم بشعة هنا وهناك تنبئ كلها بأزمة مجتمعية حادة. بينما ترتفع مظاهر التدين والتطرف، تختفي الأخلاق وقيم التسامح بسرعة مقلقة.

تعيش الأحزاب السياسية، هي الأخرى، على وقع تلاسنات بئيسة وطفولية.

رحلت الهامات الكبرى مثل الجابري واليوسفي… آخرون اختاروا العزلة.

ما تبقى يحارب بالقذف والسب وصور مقرفة على صفحات التواصل الاجتماعي، دون أن يملك شجاعة الاصطفاف أو المواجهة.

ليس غريبا في زمن البلادة، أن حزبا يتباهى بوجود منتدى للأساتذة الجامعيين داخله ويخصص لهم كوطا في هيئاته التقريرية، يصول ويجول فيه أصحاب الشكارة وبارونات التعليم الخاص، لم ينبس أبدا كلمة حق في عنتريات التعليم الخاص وتجاوزاته المريبة.

إنه عصر مثقفي اقطع والصق.

الثقافة هي صرخة البشر في وجه مصيرهم.

ألبير كامو، كاتب (1913 – 1960)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock