أما بعد،، ارفعوا الحرج عن الناس…!
اختلطت أصوات أكباش قادمة من بعيد بهمهمات متفرقة ومتناقضة.
هذه الضجة الصامتة حول عيد الأضحى في مثل الظروف الاستثنائية الحالية، لا معنى لها.
من واجب الفقهاء، الوضوح. ومن واجب الدولة مراعاة مصلحة وسلامة مواطنيها أولا.
مر ما يقرب من ثلاثة أشهر والمساجد فارغة إلا من مؤذنيها.
تنطلق الأصوات الشجية في وقتها لتعلن دخول وقت الصلاة المفروضة.
يؤدي المغاربة واجبهم الديني داخل منازلهم، التي تحولت إلى مقر إقامة قسري، بعد منع التجول و”إغلاق حدود” الأقاليم.
هواة وجبات اللحم المشوي والشاي البدوي المعطر في أطراف المدن الكبرى، قد يعودون قريبا إلى المقاهي المحتفية دوما بأعمدة الدخان وصيحات ترحيب أصحابها التي لا تنتهي.
منذ أواسط مارس الماضي، تحول يوم الجمعة إلى يوم مثل سائر أيام الحجر الأخرى.
اختفت هرولة المصلين نحو المساجد، ومنظر الناس بلباس تقليدي ولبدة صغيرة تؤكد وجهة الصلاة وأهمية الخطبة الأسبوعية.
بمنطق الدين وبالحس السليم، سلامة المجتمع أسبق وأولى.
بفضل إجراءات إغلاق فضاءات التجمع، والمساجد واحد منها، تجنب المغرب آلاف الإصابات.
قال عمر بن الخطاب مقولته الشهيرة بعدما قرر قطع سفره خوفا من الطاعون «نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله»، ثم أكد عبد الرحمن بن عوف صواب اختيار عمر، حين روى حديث النبي: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه.»
ليس في الأمر من جديد.
حالة الطوارئ الصحية قد تغلق المساجد، وقد تحرم الناس من بهجة الأعراس وحتى من لحظات الوداع الأخيرة الواجبة للمتوفين.
ماذا بعد؟
عيد الأضحى على الأبواب. نسمع هنا وهناك كلام مختلف وكثير. اختلطت أيادي عاملات الفرولة فعدنا إلى نقطة البداية.
ماذا لو فتحت أسواق بيع الخرفان؟ أليست أخطر من حقول الفرولة؟
بين مطالب بإلغاء العيد ومدافع بقوة عن فتح أسواق بيع الخروف أمام الجمهور، تنتظر الأغلبية إشارة من أصحاب العقد والحل لتراجع ميزانيتها في اتجاه الصرف أو الإعفاء، ولتتفادى المخالطة والمخالطين.
من باب رفع الحرج، أن يبادر المسؤولون عن الشأن الديني بتنوير أصحاب الدخل الضعيف والمتضررين من كوفيد وعموم المواطنين.
الأضحية سنة مؤكدة واجبة على من يستطيع.
ولا حرج على من لا طاقة له.
إذا كانت الأسواق خطيرة على صحة المواطنين، لا تفتحوها أيضا.
وكل عام وأنتم بخير.