أزمة كورونا، أية مقاربة؟
يعيش المغرب والعالم بأسره أزمة صحية لم يسبق أن عاشتها البشرية عبر التاريخ، تتجلى في وباء عابر للحدود له قدرة كبيرة على الانتشار بين البشر، ما جعل كل دول العالم تحاول بشتى الأشكال البحث عن مقاربة للحد، أو بالأحرى، التخفيف من انتشاره وتأثيره على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي .
المغرب، كباقي دول العالم، انخرط منذ بداية انتشار فيروس كورونا في البحث عن مقاربته عبر مجموعة من الإجراءات والتدابير الإحترازية التي من شأنها الحد من التبعات الاقتصادية والاجتماعية .
لا ينكر أحد أن المغرب حقق في البداية إجماعا وطنيا لمواجهة الكارثة، كما تجندت مختلف مكونات الشعب المغربي: مؤسسة ملكية، سلطات عمومية، مجتمع مدني وهيئات سياسية. كما ظن الكثير أن هذه الأزمة من شأنها بناء علاقة جديدة بين السلطة والمواطن.
لكن، في اعتقادي، هذه المقاربة كانت مبنية على مدى زمني محدد، ما جعلها غير قادرة على الاستمرار في ظل مواصلة الوباء في التفشي بشكل كبير، وكأن الدولة بَنَت تصوراتها لمواجهة تبعات الأزمة اقتصاديا واجتماعيا على نهاية الوباء في غضون أشهر، وهذا ما يفسر اقتصار دعم الأسر المتضررة على ثلاثة أشهر .
فشل المقاربة الاقتصادية والاجتماعية للدولة في الحد من انتشار الوباء و تبعاته الاقتصادية، وعدم قدرة الحكومة على مواكبة تطور الوضعية الوبائية، يظهر ارتجالية في اتخاذ القرار فاقمت الوضع الوبائي وانعكاساته الاقتصادية على المواطن، ما جعل الدولة تنتقل إلى المقاربة الأمنية للحد من انتشار الوباء .
إن المقاربة الناجعة لمواجهة هذه الأزمة تكمن في ضرورة وجود تصور واضح على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعيدة المدى، وإشراك كافة القوى الوطنية في بلورة رؤيا قادرة على رفع التحديات التي يعيشها المغرب، بعيدا عما هو أمني الذي من شأنه خلق هوة بين مواطن يبحث عن قوت يومه غير واع بخطورة الوباء ورجل السلطة الذي ينفذ القرارات الارتجالية للحكومة …