آن الأوان لاعتقال أبو النعيم: لقد تجاوز المدى بعد أن كفر الملك والمؤسسات…!
لم يعد من عذر للدولة عبر وزارتي العدل والأوقاف، التساهل مع الإرهابي أبو النعيم بعد فتواه بتكفير كل الشعب المغربي وجميع هيئاته العلمية والدينية الرسمية وغير الرسمية عقب قرار إغلاق المساجد بناء على فتوى المجلس العلمي الأعلى بطلب من جلالة الملك كإجراء احترازي لتطويق انتشار فيروس كورونا. وفتوى التكفيري أبو النعيم صريحة في مدلولها ومنطوقها ولا تحتاج تأويلا أو تبريرا كالتالي: ( البلد الذي تُغلق فيه المساجد ولا تُصلى فيه الصلوات الخمس هذا بلد ارتد عن دينه وكفر بعد إيمانه وأصبح دار حرب وليس دار إسلام … ايلى تسدات المساجد فانتظروا الساعة والساعة أدهى وأمر).
لقد تجاوز الحدود، لأنه كان محميا من طرف حكومة البيجيدي ولازال، اعتبارا للخدمات التي يقدمها للحزب، وعلى رأسها هجماته التكفيرية ضد خصوم البيجيدي وتصريفه لمواقف الحزب من القضايا التي لا يملك الجرأة السياسية للتعبير عنها أو الدعوة إليها. فالتكفيري أبو النعيم شجعه الحكم القضائي الذي صدر ضده في قضية التكفير (شهر موقوف التنفيذ وألف درهم غرامة تطوع حُماته بأدائها)، كما شجعته الحماية القانونية والسياسية التي يوفرها له حزب العدالة والتنمية منذ ترأس مصطفى الرميد وزارة العدل والحريات.
إن تمادي هذا الإرهابي في التكفير والتحريض على الكراهية وتنفيذ الأعمال الإرهابية ضد الدولة ومؤسساتها ما كان له أن يستمر لولا ما يتلقاه من دعم وحماية. فبعد أن كفّر رؤساء أحزاب ومثقفين وصحفيين دون أن تطاله يد العدالة، ها هو ينتقل إلى مرحلة أخطر يكفّر فيها البلد بأكمله بجميع مؤسساته وعلى رأسها الملك والمجلس العلمي الأعلى الذي أفتى بإغلاق المساجد والرابطة المحمدية لعلماء المغرب وكل المجتمع بهيئات السياسية والمدنية والدينية . لم يكتف هذا الإرهابي بتكفير الدولة والمؤسسات والمجتمع، بل تعداه إلى الحكم على المغرب بالردة ليجعله “دار حرب”.
ومعنى هذا أن التكفيري يحرض أتباعه وكل المتطرفين على تنفيذ العمليات الإرهابية باسم”الجهاد”. وتُعرف “دار الحرب” بأنها “الأرض التي لا سلطان للمسلمين عليها”. فعموم الفقهاء اتفقوا على اعتبار “أهل دار الحرب هم الحربيون. والحربي لا عصمة له في نفسه ولا في ماله بالنسبة.. لأن العصمة في الشريعة الإسلامية تكون بأحد الأمرين: الإيمان أو الأمان، وليس للحربي واحد منهما”. هكذا صار حُكم الشعب المغربي.
بعد فتوى التكفيري أبو النعيم التي أخرج بها شعب المغرب من الإسلام وأباح فيها الدماء والأعراض والممتلكات، يكون من الواجب الديني والسياسي والدستوري والأخلاقي على الحكومة أن تتابعه بتهم المس بالمقدسات والإساءة إلى شخص الملك وإلى المؤسسات الدستورية والتحريض على ارتكاب الأعمال الإرهابية. لقد تجرّأ هذا التكفيري على أعلى سلطة في البلاد ورماها بالردة ومحاربة الإسلام؛ وأي تساهل معه أو إهمال لفتاواه هو تشجيع له ولأتباعه كي ينتقلوا إلى ترجمة الفتوى بتنفيذ سلسلة من الأعمال الإرهابية تحت مسمى” الجهاد”. كما أن سكوت النيابة العامة وعدم تحريك مسطرة المتابعة ضد أبو النعيم التكفيري من شأنه أن يُفقد الدولة ومؤسسة القضاء هيبتهما ، الأمر الذي يشجع باقي المتطرفين والإرهابيين على المرور إلى تنفيذ مخططاتهم الإجرامية ضد الأفراد والمؤسسات. كما من شأن هذا السكوت الإساءة إلى النيابة العامة ومؤسسة القضاء واتهامها بالكيل بمكيالين والتمييز بين المواطنين؛ إذ في الوقت الذي أصدر فيه “مول الحانوت” أو “مول الكاستكيت” فيديوهات لهما سارعت النيابة العامة إلى متابعتهما بتهمة “الإساءة إلى شخص الملك”، بينما تعطلت مسطرة المتابعة في حق التكفيري أبو النعيم الذي كفّر الملك والعلماء والشعب. فهل توجد إساءة لشخص الملك الذي ينيط به الدستور مسؤولية إمارة المؤمنين وحماية الملة والدين أكثر من الإفتاء “شرعا” بكفره وردّته؟؟ أبو النعيم جعل نفسه فوق القانون وفوق الشعب ومؤسساته، ونصّب نفسه “مفتيا” في شؤون الدولة والمصلحة العليا للوطن وللشعب ضدا على الدستور وعلى القرار الملكي الذي يجعل الفتوى من اختصاص المجلس العلمي الأعلى.
لهذا، يكون السكوت عن جريمته هاته، ليس فقط تشجيعا له على التمادي في التكفير والتحريض على زعزعة أمن الوطن ونشر الفتنة بين المواطنين، بل “تزكية” لمشيخته وتنصيبا سياسيا له كمرجع “أعلى” للفتوى إليه تؤول سلطة الإفتاء وشرعيتها. وهذا أمر خطير لأنه يمس مباشرة بشخص الملك وقدسية الدين الذي حوّله أبو النعيم إلى أداة للتحريض ضد ولي الأمر ومؤسسات الدولة وتحقيرهما، كما أنه إهانة إلى الهيئات الدينية وعلى رأسها المجلس العلمي الأعلى . لهذا على وزارة العدل والنيابة العامة أن تعجل بفتح تحقيق مع التكفيري أبو النعيم ومتابعته وفق مقتضيات قانون الإرهاب، لأن فتواه هذه مصدر للفتنة، (والفتنة أشد من القتل) وشرعنة للخروج على الدولة وتحريض على تنفيذ الأعمال الإرهابية لتخريب المؤسسات وترهيب المواطنين وإشاعة الفوضى في ظرفية دقيقة تستدعي وعيا جماعا بضرورة الوحدة والتعاون والتضامن والانضباط للتعليمات الرسمية لمواجهة خطر فيروس كرورنا.
فكيف ستطلب الدولة من المواطنين احترام قراراتها والالتزام بتعليماتها إذا كان التكفيري أبو النعيم يستهزئ بالمؤسسات ويتمرد على الدولة ويسيء إلى شخص الملك؟ فلا مصداقية لدولة يهين مؤسساتها ويمس برموزها ويكفّر شعبها الإرهابي أبو النعيم دون أن تتحرك لتطبيق القانون وحماية المؤسسات ورد الاعتبار لرموز السياد.